carolgerdak .
. :
رقم العضوية : 121 الإنتساب : 18/03/2009 المشاركات : 482 التقييم : 6
| موضوع: حوار بين إبليس والرئيس الأربعاء 19 أغسطس - 18:04 | |
| كان الرئيس حسني مبارك جالساً في مكتبه الفاخر بقصر العروبة يقرأ في هدوء مقال لسمير رجب بعدما انتهى لتوه من قراءه آخر لرجب البنا وتقرير لصفوت الشريف عن مدى تعلق الجماهير به.
ظهرت ابتسامة الرضا على مُحيّاه، ورفع رأسه ثم إدار وجهه ناحية النافذة وجال ببصره وكأنه يجمع في خياله في لحظة واحدة كل أحلام وسطوة القوة لست سنوات قادمات. فجأة سمع الرئيس حركةً في غرفة المكتب فالتفت ليرى بجوار الباب إبليس متقدما في اتجاههه دون أن ينظر إليه، ثم سحب مقعدا بمسندين وجلس بهدوء. لم يضطرب الرئيس حسني مبارك أو تزداد دقات قلبه فهو قائد سابق للطيران، وحاكم لسبعين مليونا، وبطل اسكواش، ورابط الجأش في أحلك لحظات الخطر حتى عندما رأى الموتَ بأمّ عينيه مرات كثيرة .. في الطريق من مطار أديس أبابا، وفي المستشفى بميونيخ، وفي عدة محاولات انقلاب فاشلة قضى عليها ولفها صمت القبور. نظر الرئيس إلى إبليس نظرة متفحصة فهو يعرفه جيدا، ثم قال له: ما الذي جاء بك في هذه الساعة المتأخرة من المساء؟ إبليس: جئت لأحذرك فقد عرفت أن قوى الخير والحرية تُصعّد معارضتها لك، وأخشى عليك أن تتوب إلى الله، وتفرج عن المعتقلين، وتنهي معاناة رعيتك، وتبدأ حملة مطاردة الفساد!
الرئيس: أحمق أنت أم ساذج؟ لقد كانت الفرصة أمامي عندما اختبرني رب العرش العظيم، وطرق عزرائيل البابَ عدة مرات وأنا على فراش المرض في ميونيخ، ولما شفيت عدت إلى مصر وأنا أكثر إصرارا وتشددا وتمسكا بالسلطة والسطوة ولم يدر بذهني قط أن أكون رحيما أو رؤوفا أو متسامحا مع هؤلاء المصريين! إبليس: لقد بذلت جهدا كبيرا معك، وقدمت لك طوال أربعة وعشرين عاما مساعدات لا حصر لها جعلتك تدوس باطمئنان على رقاب سبعين مليونا أو يزيد؟
الرئيس: في الحقيقة فإن الفضل فيما أصاب بلدي ورعيتي يعود إلي وحدي، أما أنت فدورك ثانوي! إبليس وقد تطاير الشرر من عينيه وضرب على حافة المكتب بقبضته: ذاكرتك ضعيفة أيها السيد الرئيس، فبصماتي واضحة على ولاياتك الأربع أذقنا فيها شعبك كل أنواع الذل والمهانة. هل تظن مقالات تدبيج المديح والنفاق والتزلف لك من كبار الكتاب والمثقفين خوفا منك أم حبا فيك؟ إنها تحمل توقيعي بجانب اسم كتابها وناشريها. هل تظن صمت وسكوت وخوف المصريين من التمرد والانتفاضة ضدك نتيجة طبيعية لقوتك وسيطرتك الأمنية؟ إنها ايعازات مني لكل واحد على حدة بأن عذابا مقيما من جحيم سَعَر ينتظره على أيدي جلاوزة الأمن في عهدك فركن الجميعُ، إلا ندرة قليلة، لسكون مطبق وساقية تجر في روتين بطيء حياة المصريين من المهد إلى اللحد!
الرئيس: لكنك كنت توسوس لي ثم تتركني وقتا طويلا بمفردي أذيق أبناء شعبي مُرّ الحياة المهينة وأجعل زيارة عزرائيل لملايين منهم رفاهية لا يحلم بها أكثرهم تشاؤما! كنت تطلب مني تقديم بعض المصريين على مذبح التعذيب والاغتصاب وانتهاك الحرمات في أقسام الشرطة ليسري الخوف بعدها في أوصال بقية أبناء شعبي، لكنني جعلت انتهاك كرامة المواطن عملية روتينية تجري في معظم أقسام الشرطة في طول مصر وعرضها، بل إنني إمعانا في اثبات قدرتي على منافستك قمت بتكريم ثلاثة ضباط متهمين بتعذيب مواطنين أبرياء في تخشيبات الرعب وغرف القهر والقمع. كنت تحرضني على النكث بالوعد في نهاية ولايتي الثانية، والآن تفوقت عليك وأستعد لولاية خامسة وأنا مريض اثباتا وتأكيدا أنني السيد المطاع ولست في حاجة إليك، ولو تخليت عني لما تغير الأمر كثيرا. إبليس: أنت ناكر للجميل، ولو نظرت حولك لوجدت استمرار حكمك بفضلي أنا! هل تعرف أن لي مقعدا ثابتا في مكاتب كبار المثقفين والكتاب والاعلاميين، وعندما تمرر عينيك صباح كل يوم على مقالات تعدد انجازاتك ومكتسبات الشعب وتزيف الواقع فهي ممهورة بهمساتي في آذان كبار مثقفي بلدك. لماذا لا يجتمع رؤساء الأحزاب الكبرى والجماعات المناهضة لحكمك على كلمة سواء في حب مصر؟ لأنني أقف لهم بالمرصاد، وأجعل كل فئة أو طائفة أو جماعة تظن أنها صاحبة الحق في تولي السلطة بعد غيابك. إنني أجعلهم يخشون عيون أمنك، ويشعرون باحباط شديد، ويعقدون الأمل على لجوئك إلى الملائكة بدلا مني لعل قلبك يرق لرعاياك، وينفطر حزنا لآلامهم، وينزل الله سكينته عليك. لقد قدمت لك دعما معنويا وأدبيا لم أقدمه من قبل لأي زعيم مصري في العصر الحديث! معظم رجالك ووزرائك ومحافظيك وأعضاء مجلس الشعب والشورى تربطني بهم علاقة عاطفية شديدة، يطيعونني، ويغضون الطرف عن الفساد، ويكرهون الأمانة، وينافقونك، ويتزلفون إليك، ويقومون بتزوير أوراق وطن كاد يشهر افلاسه.
الرئيس: لا أنكر دورك في اقناعي بالاحتفاظ بأكثر الفاشلين، وبادخالك الطمأنينة إلى قلوبهم بأن الفشل والتراجع والفساد والنهب والسرقة والهبر والاجرام كلها أمور لا يكترث لها رئيسهم ماداموا مطيعين كالخدم، وجبناء كالفئران، وجشعين كأشعب، لكنني كنت أراقبهم، وأوحي لكل منهم بأن الولاء لي قبل الوطن، وأبتهج لتملقهم إياي ليلا ونهارا، حقا أو كذبا. إبليس: هل تعرف أنني أسبغت عليك حمايتي من غضب الشعب عندما تخفيت في صورة العقلانية والصبر الممزوج بالخوف من قبضايات أمنك وجعلت مواطنيك يمارسون أقصى درجات السلبية، ويتهكمون على المناهضين لحكمك، ويسخرون من معارضيك، ولا يكترثون لطوفان يرونه رؤي العين وهو يقترب من ديارهم وأنفسهم وأهلهم وأولادهم؟
الرئيس: هذا ليس صحيحا بالمرة فأنا في أربعة وعشرين عاما صنعت العبودية المختارة، وجعلت لذة الذل أشهى طعما من الشهد، بل إنني تركت آلاف المعارضين يناهضون حكمي في صحافة يقرأها أبناء شعبي ثم يلقون بها خلف ظهورهم لأن الأمل مفقود تماما في استبدالي أو العثور على مصري واحد يأتي من بعدي ويحل محل ابني جمال الذي أصبح سيد المصريين رغم أنوفهم. إبليس: ظنونك من هوى الغرور، سيدي الرئيس، لأن استمرارك مرهون بوجودي الدائم في مجلس الشعب، ومقعدي الثابت بجوار رئيسه الدكتور أحمد فتحي سرور فهو الذي سيطيعني ويعصي الله والضمير والايمان وحب الوطن ليعلن ترشيح أغلبية أعضاء مجلس الكيف والقروض والفساد والأمية لك سيدا فوق رؤوسهم ست سنوات عجاف.
الرئيس: لعلك نسيت، صديقي العزيز، أن الملائكة لم تعد تنزل على قلوب الكثيرين كما كانت تفعل من قبل مما سهّل مهمتك، أما أنا فأضرب بعُرض الحائط كلَّ القيم والمباديء والمثل والأخلاق، وأجدد قانون الطواريء، وأرفض الافراج عن المعتقلين الأبرياء، وأطرب كلما أفرغ لصوص عهدي بنكا أو شركة أو مصنعا يملكه عرق الشعب، ويخرج اللصوص من مطار القاهرة الدولي كأنهم أسياد سامسوناتية ترفع رؤوسها بوقاحة وتبصق مثلما أفعل في وجوه الناس التي تنتظر ملائكة مسومين ترسلهم العناية الالهية. إبليس: لكنني أفرق المعارضة، وأجعل قوة أحزابهم وجماعاتهم ضعفا يتخفى خلف إدارات فاشلة، أو مساومات على ثمن السكوت، أو خشية وثوب واحدة منها على كرسي الحكم. . | |
|
carolgerdak .
. :
رقم العضوية : 121 الإنتساب : 18/03/2009 المشاركات : 482 التقييم : 6
| موضوع: رد: حوار بين إبليس والرئيس الأربعاء 19 أغسطس - 18:05 | |
| الرئيس: لعلك تشير إلى المظاهرات التي تندلع في كل مكان، ثم تذوب كما يذوب لوح الثلج في صيف حار يزيد عذابات المصريين، أليس كذلك؟ إبليس: إنني، سيدي الرئيس، أعمل أوفر تايم في فترة ما قبل اعلانك ولايتك الخامسة على الرغم من أنك صفعت المصريين كلهم على أقفيتهم وأنت تعلن في قناة ( العربية ) أنك لا تستطيع أن تترك السلطة في أي حال من الأحوال، فضاعفت من تكبرك واستبدادك وتحديك لمشاعر شعبك جهدي في تخفيف الأمور عليهم، واقناع قوى الزيف والنفاق بالتحرك السريع فكانت زيارتك لمحافظة الدقهلية واعلان صحيفة ( الأهرام ) أن خمسة ملايين مواطن استقبلوك بالتأييد طالبيك منك الترشح لولاية خامسة قبل أن يعلنها مجلس الشعب، والحقيقة أنني كنت في زيارة مفاجئة للصحيفة القومية الكبرى والتي نادرا ما تقوم الملائكة بزيارتها في عهدك، وساعدت بخط يدي في كتابة بيان الإفك والزور بدلا من قول الحقيقة وهي أن مستقبليك كانوا سبعين ألفا من رجال الأمن لحمايتك من شعبك.
الرئيس: لا أريدك، عزيزي الشيطان، أن تغضب مني أو تعاتبني فنحن نستعد لأكبر تحالف وتعاون بيننا منذ أن توليت حكم مصر بعد مصرع الرئيس أنور السادات. هل تعرف أن تصعيدا من حزب العمل ترافقه جرأة شديدة لدى الناصريين، وتحركات من ( كفاية)، ومحاولات استقطاب الجماهير تقوم به الجبهة السلمية لانقاذ مصر، وتعاطف من الوفد والشيوعيين واليساريين والمستقلين مما قد يجعل مهمتنا أكثر صعوبة؟ إبليس: لا تكترث لهم أو تهتم باستعراضاتهم فأنت في مرضك الشديد واستعداد عزرائيل صديقي سابقا، أي قبل أن أتحدى الأمر الالهي وأرفض السجود لمن خلقه الله من طين، لزيارتك في خاتمة محاولاته التي أمد الله لك في العمر بعدها عدة مرات لعلك تتوب وترفع الظلم عن أبناء شعبك، أكثر قوة من قبل، وستأتيك مصر طائعة مختارة، وستركع تحت أقدامك ملايين، فأنت تملك بين يديك أرواح شعب يستعذب الهوان ويغتبط بالظلم الواقع عليه.
الرئيس: هل بلغك نبأ الدعوة إلى عصيان مدني يبدأ في يوم شم النسيم الموافق 2 مايو 2005 والتي دعا إليها رئيس تحرير مجلة طائر الشمال الصادرة في النرويج؟ وهنا لم يتمالك إبليس نفسه من الضحك، وسقط على الأرض وجعل يتمرغ فيها وهو يقهقه ويرتفع صوته وكاد يصل إلى حراس مكتب الرئيس من لواءات أمن الدولة والمخابرات، والرئيس يفغر فاها ولا يفهم سبب هستيريا الضحك التي أصابت الشيطان. ثم هدأ قليلا، وعاد إلى مقعده، وطلب من الرئيس أن ينتبه جيدا إلى ما سيقوله: لقد قرأت البيانين في مواقع عدة على الانترنيت، وتداولها طلاب في الجامعات وصحفيون ومثقفون ومهاجرون، وتابعت الردود التي كانت أكثرها سخرية وتهكما، أو تمنيات بالنجاح مع أمل مفقود، أو تأكيد حقيقة واحدة أجمع عليها كل المصريين وهي أن الجبن هو القيمة الكبرى للأمن والسلام. هل تعرف أن دعوة العصيان المدني التي أطلقها رئيس تحرير المجلة المذكورة لم يقرأها في بعض المواقع عشرون أو ثلاثون شخصا حتى على سبيل الفضول؟ هل تعرف أن صاحب هذه المطبوعة الذي كتب فيك وعنك وإليك عشرات المقالات والتي تجاوز في سطورها الخطوط الحمراء حتى أنه نشر مقال ( وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك) أعاد نشر الدعوة للعصيان المدني وأرسلها لكبريات الجماعات الحزبية والقومية والوطنية المناهضة لك فقتلوها بالصمت بعدما سخروا منها؟ إنها دعوة ستموت قبل أن تولد، وسيغتالها معارضوك قبل مؤيديك، وسيهيل عليها الترابَ مناهضوك قبل منتقديك.
الرئيس: ماذا لو التقط هذه الدعوةَ مخلصون وشرفاء وشجعان في كل مكان، وانتشرت في الجامعات والمدارس، وبين الأقباط والاخوان المسلمين والناصريين والشيوعيين والوفديين وكل القوى الأخرى المستقلة؟ إبليس: ألا تثق في قدرتي على همسة واحدة مني في أذن من سيقرأها ويتحمس لها، فينساها قبل أن يقوم من مقامه أو يرتد إليه طرفه؟ بيان العصيان المدني الذي يدعو إليه محمد عبد المجيد فاشل بكل المقاييس، فهو يدعو إلى المساواة الكاملة بين كل المصريين على اختلاف طوائفهم وعقائدهم ومذاهبهم وأفكارهم مما يستدعي رفضا من قوى الغطرسة والتكبر والاستعلاء التي تظن أنها صاحبة الرؤية الصحيحة في انقاذ الوطن. وهو يدعو إلى المواطنة الكاملة لكل أقباط مصر ومهاجريهم، فلا تمييز في القانون أو السلوكيات أو المشاعر أو التعليم أو الاعلام أو الوظائف حتى لو أصبح رئيس مصر قبطيا، ولا أظن أن ثقافة التمييز التي قمت أنا بجهد في تثبيتها تقبل هذا البيان. وهو يدعو إلى محاكمة عادلة لك يقوم عليها قضاة شرفاء لا يخافون في الله والحق لومة لائم، ولا يكتفي فقط بالطلب منك الرحيل، على الرغم من أن كل قوى المعارضة تكتفي برحيلك وعودتك مواطنا كأنك لم ترتكب جريمة واحدة في حق الوطن. وهو يدعو إلى رفع أيدي القوى الدينية عن اقحام كلمات السماء في مشاحنات الأرض، وأن لا تكون مصر مسرحا لحرب أهلية أو مزايدة دينية أو تأثيرات لمؤسسات تستبدل طغيانا بطغيان، وأن يتوحد المصريون على كلمة سواء وهي الوطن والديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة. كل هذه الأسباب تجعل من العصيان المدني طريقا إلى الفشل!
الرئيس: لكن الاختيار وقع على يوم شم النسيم حيث من الصعب تطبيق قانون الطواريء على ملايين المصريين المنتشرين في الشوارع والحدائق ... ثم تصعيد العصيان المدني في اليوم التالي ورفض العمل وعدم الدخول للمحاضرات والمصانع ودور العبادة، والانتشار في كل مكان، واخراج النساء والأطفال حتى لا نستطيع أن نطلق النار أو نتهم القوى الأضعف بأنها مشاكسة أو مشاغبة. إبليس: لو نجحت هذه الدعوة وتبناها الناصريون والاخوان المسلمون والأقباط والطلاب والقيادات المناهضة وجماعات حقوق الانسان فإنني أعزيك مسبقا وأعزي نفسي، فلن يمر اليوم الثالث قبل أن تهرب أنت وأسرتك من الباب الخلفي لقصر العروبة، وربما تطلب اللجوء لسفارة واشنطون أو برلين أو باريس.
الرئيس: وهل هناك أمل في نجاحها؟ إبليس: قطعا لا، وعليك أن تقرأ رسائل السخرية والتهكم والخوف، وأن تحصي أعداد من يقرأون الدعوة، وأن تعيد ثقتك في ملك العصاة فأنا أقف بالمرصاد لأي خير أو جمال أو شرف أو نزاهة أو حرية أو ديمقراطية أو الحفاظ على كرامة مواطنيك، ولذا فلن أجعل قوى المعارضة تتبنى هذه الدعوة.
الرئيس: وكيف ستساعدني؟ إبليس: أن أجعل كل مصري يظن بأنه ينتمي لشعب من الجبناء، وأنه إنْ لبى الدعوةَ للعصيان المدني فربما لن يشاركه أكثر من حفنة تعد على أصابع اليد الواحدة، وأن الأمن المركزي لهم بالمرصاد، وأن لقمة العيش ستصبح أكثر مرارة مع العصيان المدني. أما إذا استجاب خمسون فقط للدعوة، وأقنع كل من تصله عشرين آخرين فإن متوالية حسابية بسيطة تجعل مصر في الثاني من مايو بركانا هائلا قد يطيح بك وبابنك ويحاصر مجلس الشعب وقصرك وينضم إليه الجيش، أو يقف على الحياد، ويعصي أوامرك كبارُ ضباط مباحث أمن الدولة والمخابرات في ضرب أفراد الشعب.
الرئيس: حتى أنت، أيها الشيطان الرجيم، تخشى يقظة الشجاعة والنبل والخير والضمير والوطنية، وتشكك في وقوفي فوق رؤوس المصريين ما بقي لي من عمر ليكمل المهةَ ابني ووريثي جمال مبارك! إبليس: دعني أتركك الآن فلدي عمل كثير، وأمامي مانشيتات الصحف الكبرى، وزيارات لأقسام الشرطة، وتجميع مئات الآلاف من المغيبين والمخدَرين والخائفين والساذجين والبلهاء من شبيبة الحزب الوطني، ومهمتي في اقناع المصريين بأنك أفضل من المجهول، وأن لا فائدة في حريتهم، وأنهم لا يساوون جناح بعوضة، وأن ابنك قادم لا محالة لاستحمارهم واستغفالهم وقهرهم وقمعهم. إنني، سيدي الرئيس، أعتمد على ذاكرة المصريين الضعيفة، فأكثر الذين سيقرأون الدعوة للعصيان المدني لن يستجيبوا لها، ومحاولات التحريض التي تقوم بها مقالات رئيس تحرير طائر الشمال سيقتلها المصريون أنفسهم بالصمت.
الرئيس: هل ستبعث لي مقدما بتهنئة لولاية خامسة أُفَرّغ خلالها مصر كلها من أي مشاعر كرامة أو شجاعة، وأجعل المصريين أفقر شعوب المنطقة، وأضاعف المعتقلات والسجون، وأمنح ضباط الشرطة مزيدا من الصلاحيات لاحراق المصريين أحياء في تخشيبات أقسام الرعب والفزع، وأعطي الضوء الأخضر لمن لم يستطيع أن ينهب ويهبر ويحتال ويسرق في ولايات أربع أن ينتهز الخامسة لتفريغ الوطن من خيراته؟ إبليس: سأبعث لك قبلاتي الحارة عندما تفشل المظاهرات، ويرفض المصريون العصيان المدني في 2 مايو 2005, ويعلن رئيس مجلس الشعب ترشيحك ولو أكل المرض كل جسدك، وتستطيع أن تقف في شرفة قصرك وتطل على مصر العظيمة .. أم الدنيا، وتبصق على كل المصريين، أو تخلع الحذاء وتطل عليهم من الشاشة الصغيرة متوعدا من يرفضك أو يرفض ابنك جمال بمسح كرامته بتراب مصر الطاهر. وهنا سمع الرئيس رنين الهاتف، فرفع السماعة ليأتيه صوت تمتزج فيه المذلة والخنوع والتزلف قائلا: مبروك ياريس فالمصريون كلهم يؤيدوك. وخرج إبليس بهدوء وعلى وجهه علامة الرضا، وكانت الملائكة تحلق فوق القصر ظنا منها أن الرئيس سيتوب إلى العلي القدير ويرفع الظلم والجور والعذاب عن شعبه، لكنه اختار طريقا آخر لا رجعة فيه
| |
|